http://elseham2013.blogspot.com/

الجمعة، 19 أبريل 2013

قطب العربي يكتب فوضى الإعلام وتهافت الكذب


ما يجرى على الساحة الإعلامية الآن بكل تنويعاتها هو فوضى شاملة يدفع ثمنها الوطن والمواطن ل والمهنة ذاتها، ما يجرى الآن هو خروج على كل قواعد المهنة وأخلاقياتها، بل خربوج على القانون والدستور من قبل الكثيرين.
ضاعت الحقيقة بين ركام الكذب والتضليل من جانب وغياب الشفافية من جانب آخر، وانتهكت الأعراض تحت دعاوى النقد، وانتهكت حرمات الوطن وسيادته تحت دعاوى الشفافية والحرية، وانتهكت مواثيق الشرف الأخلاقية، ولم تتحرك الجهات المسئولة عن تطبيقها إما عجزا (لأن القانون لا يمنحها حق توقيع العقوبة كما هو الحال بالنسبة للمجلس الأعلى للصحافة) وإما مجاملة لأن الانتخابات لها أحكامها كما هو الحال بالنسبة لنقابة الصحفيين.
فى الحديث الشريف "الكذب يهدى إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا" وفى الواقع الإعلامى لا يزال الصحفى أو الإعلامى يكذب ويتحرى الكذب حتى يعرف عند الناس كذابا، وساعتها يفقد كل هيبة واعتبار، ومعه تفقد المهنة هيبتها واحترامها وتسقط من عيون الناس، وهو ما نلمسه الآن، حيث يخلط الناس بين الصالح والطالح، وبين المجد الصادق والرويبضة الكذاب.
كان من أسباب انهيار دولة النازى فى المانيا انتشار نظرية الكذبة الكبرى التى اخترعها وزير الدعاية جوبلز، وهى "اكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس"، وقد صدق الناس لبعض الوقت لكنهم أفاقوا على الحقيقة فى النهاية، وفى مصر سيصدق الناس الكذب لبعض الوقت لكنهم سيكتشفون الحقيقة بعد ذلك، وقد اكتشف الناس فعلا بعض هذه الأكاذيب مثل فرية بيع قناة السويس ومنح سيناء لحماس، وتأجير الأهرامات وأبو الهول لبعض الدول الثرية، وقصص زواج وطلاق بعض كبار المسئولين، وما ينشر أو يبث يوميا ضارا بالأمن القومى للبلاد، ونحن ندرك الضغوط التى يتعرض لها صغار الصحفيين والمعدين من رؤسائهم فى بعض الصحف والقنوات لإعداد تقارير كاذبة نكاية فى السلطة الحاكمة، وهى تقارير تتضمن أخبارا كاذبة كما تتضمن أحيانا سبا وقذفا، وطعنا فى الأعراض وكل ذلك يقع تحت طائلة القانون، ناهيك عن ميثاق الشرف المهنى، وحين يتقدم المتضررون إلى النيابة ببلاغات للتحقيق فى تلك الوقائع تقوم الدنيا ولا تقعد، وتنصب حفلات لطم الخدود وشق الجيوب حزنا على انتهاك حرية الصحافة والإعلام، وما أغنانا عن هذه البلاغات لو قام كل مسئول بواجبه المهنى فى تحرى الدقة والمصداقية، والبعد عن السب والقذف.
لقد استجابت رئاسة الجمهورية لنداءات الكثيرين من المخلصين من أبناء المهنة لسحب البلاغات المقدمة منها ضد بعض الصحفيين والإعلاميين، وهذا موقف كريم، نأمل أن يتبعه مواقف مشابهة من جهات وشخصيات أخرى فى الحكم والمعارضة على السواء، ومن عجب أن بعض الإعلاميين تم استدعاؤهم خلال الأيام الماضية بتهمة إهانة القضاء، بينما لم يتم استدعاء رئيس نادى القضاة الذى كان أول من أهان القضاء حين تحدث ب"الفم المليان" عقب ظهور نتيجة انتخابات الرئاسة بأن 20% من القضاة فاسدون، والغريب أن هذا الشخص ذاته هو من أكثر الشخصيات التى قدمت بلاغات ضد الصحفيين والإعلاميين ومع ذلك تم استقباله بحفاوة فى نقابة الصحفيين مؤخرا.
هناك مخاوف وهواجس لدى قطاع كبير من الوسط الإعلامى حول وضع الحريات الإعلامية والصحفية فى ظل حكم الرئيس مرسى، ولكن هذه الهواجس فى معظمها غير صحيحة، وهى ناتجة عن موقف سياسى حزبى بالأساس، ومن الطبيعى أن من ينظر إلى الأمور من منظاره الحزبى الضيق والناقم فإنه لن ير إنجازا بل سيرى ظلمات بعضها فوق بعض، وسيستخدم وسيلته الإعلامية فى نشر هذه الرؤية الظلامية، لكن ذلك لن يحجب ضوء الشمس، فلدينا دستور ينص على حرية تداول المعلومات ويجرم منعها، ويفتح إصدار الصحف بمجرد الإخطار للافراد الطبيعيين والاعتباريين، ولا ننسى أن رئيس الجمهورية تدخل لإلغاء مادة الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر ليخرج بها صحفيا كان متهما بسب الرئيس نفسه، وها هو الرئيس نفسه يتدخل مرة أخرى لسحب 24 بلاغا ضد الصحفيين والإعلاميين.
ليس مطلوبا من الصحفيين والإعلاميين تبييض صورة الرئيس أو تسويدها، كل المطلوب هو الإلتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية، وليس مطلوبا من الصحفيين والإعلاميين أن ينافقوا حزبا حاكما أو محكوما، بل المطلوب هو النقل الأمين لما يدور فى حياتنا اليومية، وليس مقبولا أن يتعرض الصحفيون والإعلاميون للاعتداءات أثناء ممارستهم لعملهم، وليس مقبولا أن يظل بعض الصحفيين والإعلاميين فى حالة احتراب دائم مع حزب او مؤسسة بل المطلوب أن يعم الحوار والتعاون والتفاعل، ولعلنا نشير هنا إلى مبادرة حزب الحرية والعدالة بفتح حوار جدى مع الصحفيين وهى المبادرة التى طرحها المستشار الإعلامى للحزب خلال لقاء تليفزيونى مع نقيب الصحفيين الزميل ضياء رشوان ونتمنى أن يكتمل هذا الحوار وينتج أثاره التى تعود بالنفع على الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق